مقالات

السُّدم | The Nebulae

 

السُّدم | The Nebulae

 

هل ترى هذه الصورة؟ أكاد أجزم أنك رأيتها على الأقل مرة واحدة في حياتك، هذه هي أعمدة الخلق وهي من كينونات الفضاء والتي تعرف بالسُّدُم، فهل تعرف ماهية هذه المناظر الخلابة؟

 

تُعرَف السُّدُم بأنها سُحب خلابة من الغاز والتراب، ولها في تَكُّون النجوم ونهايتها نصيبٌ محفوظ، فما أصل الكلمة؟

تعني كلمة السديم باللاتينية أي شيء فضائي يشبه السحب ويُرَى من خلال التلسكوب، ولكن قديمًا قبل تطور أساليب الملاحظة كانت كلمة Nebula تشمل بعض المجرات كذلك ولعل أقربها لنا هي مجرة أندروميدا والتي كانت تسمى سديم أندروميدا، أما أقرب سديم حقيقي لنا الآن هو سديم الحلزون Helix Nebula والذي يبعد عنا بـ 700 سنة ضوئية.

 
سديم الحلزون (Helix Nebula) ملتقطة عبر تلسكوب VISTA الأوروبي
  • أين تقع السُّدُم؟

تشغل السدم الحيز بين النجوم فتكون بمثابة وسط بين نجمي، وتبلغ كثافة السُّدُم على أقصى تقدير 10 آلاف جزيء في السنتيمتر المكعب الواحد وتلك الأنواع هي التي نراها من خلال التلسكوب، فيما في المتوسط تبلغ كثافتها ذرة واحدة لكل سنتيمتر مكعب وهو ما يعد أقل كثافة من الهواء على كوكب الأرض، والكتلة في متوسطها لا تتجاوز بضعة كيلوجرامات.

Source: Virtuality

 

  • أنواع السُّدُم:

تتعدد أنواع السُّدُم على حسب مكوناتها وكيفية تشكلها؛ فمعظمها يتكون من الغاز والذي يشع ضوءه الخاص وتعرف بالسُّدُم المنتشرة والتي تنقسم لـ 3 أنواع: انبعاثية (تقوم بإشعاع الضوء بأطوال موجية مختلفة) وانعكاسية (تعكس ضوء النجوم من حولها) ومظلمة وهذه الأخيرة تحجب الضوء عما بعدها بدلًا من إصداره وذلك لكونها أكثر غبارًا من غيرها.

 

  • العلاقة بين النجوم والسُّدُم:

تلعب هذه الكينونات الفضائية دورًا هامًا في حياة النجوم سواء في نشأتها أو حتى وفاتها واندثارها؛ فبينما تنبثق النجوم من تجمع من الغاز والغبار وغيرهما داخل سُدُم انبعاثية تعرف بـ”حواضن النجوم” ومنها على سبيل المثال أعمدة الخلق Pillars of Creation وسديم الجبار Orion Nebula، هناك نوع آخر من السُّدُم الانبعاثية يتشكل خلال وفاة النجوم؛ فعند وفاة نجم بحجم الشمس تنتهي حياته بتحوله لكتلة مضغوطة جدًّا تعرف بـ”القزم الأبيض” وفي هذه المرحلة يقوم هذه القزم بإطلاق سحب من الغاز تعرف بـ”السُّدُم الكوكبية” وهي تسمية خاطئة أطلقها الفلكي البريطاني من أصل ألماني ويليام هيرشل حيث ذكرته في حدودها المنتظمة الدائرية في كثير من الأحيان بالكواكب عند ملاحظتها للمرة الأولى في ثمانينات القرن الثامن عشر؛ فأطلق عليها هذا الاسم رغم عدم وجود علاقة فعلية بين الاثنين.

تنفجر النجوم الأكبر حجمًا من الشمس كمستعرٍ أعظم Supernova وما تقذفه من حطام يشكل نوعًا من السُّدُم يعرف بـ”بقايا السديم Supernova Remnant” ولعل أشهر سُدُم هذه النوع هو سديم السلطعون Crab Nebula والذي نتج عن انفجار مستعرٍ أعظم لاحظه الفلكيون العرب والصينيون عام 1054م.

سديم السلطعون (Crab Nebula) عبر تلسكوب هابل الفضائي

 

ختامًا كان للمسلمين أثر بالغ في اكتشاف السُّدُم فكان أول ذِكر حقيقي لسديم مميز عن تجمع نجمي في كتاب “النجوم الثابتة” للفلكي الفارسي المسلم عبد الرحمن الصوفي والذي نشره عام 964م؛ فلمَ لا نُعيد الأمجاد؟!

 

انتهى

 

كُتب بيد: السيد محمد السيد.

مراجعة وتدقيق: عبدالله (نائب إدارة آستروفايل)

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى