مقالات

السفر عبر الزمن

أعتقد بأن أغلبنا اذا لم نكن -جميعًا- سمعنا أو قرأنا عن السفر عبر الزمن، من الأفلام، والكتب، والروايات، وتبادل أطراف الحديث مع الأصدقاء عن ماذا لو أستطعنا العودة بالماضي وتغير أمر ما؟ أو القفز لسنوات عديدة لذهاب للمستقبل الذي نحلم به؟ 

وتساؤلاتنا الكثيرة عن آلة السفر عبر الزمن التي نراها بالأفلام؛ وهذا ما يجعل السفر عبر الزمن يستخدم دائمًا كمصدر للأثارة والتسلية، فأغلب الكُتاب ومخرجين الأفلام يضيفون مفهوم السفر عبر الزمن لأثارة الدهشة بالأحداث.

 

أذكر عندما كُنت صغيرة بعمر التاسعة، أنتظر كُل سبت لمتابعة مسلسل “دكتور هو Dr. Who” التي تدور أحداثه عن السفر عبر الزمن، آلة السفر التي كان يستخدمها لا أستطيع نسيان شكلها، صندوق أزرق مليء بأشياء غريبة تثير الدهشة والتساؤلات؛ وعند مشاهدتي كنت أتمنى لو أستطيع صُنع صندوق وأنتقل لأي حقبة زمنية أريدها. 

 

لكل من تساءل واندهش بالسفر عبر الزمن وحَلمَ كثيراً بالتنقل لأي حقبه زمنيه .. فأنت في المقال المناسب! 

 

ما هو السفر عبر الزمن بدايةً؟ السفر عبر الزمن هو مفهوم في العلوم والخيال يشير إلى إمكانية التنقل من نقطة زمنية إلى أخرى، على الرغم من أنه يثير العديد من الأفكار والتخيلات المشوقة، إلا أنه لم يتم إثبات وجود السفر عبر الزمن بشكل علمي حتى الآن.

في نظرية النسبية لألبرت أينشتاين، يشير الزمن إلى البُعد الرابع الذي يجمع بين الزمكان الثلاثة والزمن الأربعة. وتقول النظرية أن الزمن يمكن أن يتأثر بالجاذبية والسرعة، وهذا يعني أنه في ظروف معينة، يمكن أن يمر الزمن بشكل مختلف لأشخاص مختلفين.

 

لا يمكن أن أكتب عن الزمن دون أن أذكر عالمي المفضل “آينشتاين” ، النظرية النسبية رائعة، ولها علاقة وطيدة بالتنقل عبر الزمن، فمفهوم التباطئ الزمني هو أن يمر الزمن بشكل مختلف لأشخاص مختلفين، ووضع أينشتاين فكرة “مفارقة التؤام” ليوضح مفهوم التباطئ الزمني 

وفكرة المفارقة وهي ان يقوم احد التؤامين برحلة الى الفضاء بواسطة صاروخ عالي السرعة قريب من سرعة الضوء ثم يعود إلى موطنه ليكتشف انه أمضى عمرًا أقل من أخيه التؤام الذي على الأرض.

 

ومعادلات آينشتاين الشهيرة لتمدد الزمن وانكماش الطول، وهي ما تعني أن نسيج الزمكان( الطول والزمن) يتغيرانِ بناءَ على سرعة الضوء

وبما أن مقالاتنا تتحدث عن السفر عبر الزمن وليس النسبية الخاصة فلن أُكثِر الحديث عنها، ولكن إن أردتم فيمكنكم العودة إلى المقالات السابقة الخاصة
بالنسبية العامة.

من الناحية النظرية، يوجد نوعان من السفر عبر الزمن: السفر إلى المستقبل والسفر إلى الماضي. ومع ذلك، حتى الآن، لم يتم توثيق أي حالات للسفر عبر الزمن؛ لا يزال العلماء يدرسون ويستكشفون هذا الموضوع، ولكنهم يواجهون العديد من التحديات الفيزيائية والتقنية، مثل؛ الثقوب السوداء، الطاقة المطلوبة، العواقب البيئية، والتكنولوجيا المتطورة.

السفر إلى الماضي والمستقبل هو مفهوم شائع في الخيال العلمي والأعمال الأدبية، يشير إلى القدرة على التنقل زمنيًا للعودة إلى الأحداث التي وقعت في الماضي أو الانتقال إلى الأحداث المستقبلية.

 

لا توجد أي نظرية في الفيزياء الحديثة تدعم وجود السفر الزمني إلى الماضي. يواجه السفر إلى الماضي تحديات كبيرة من حيث التناقضات الفيزيائية والفلسفية مثل “البارادوكس الزمني” ومثل “الجدة القاتلة”، حيث يمكن للشخص العائد إلى الماضي أن يغير أحداث ما وبالتالي يؤدي إلى تغير المستقبل بطرق لا يمكن التنبؤ بها.

 

أمّا بالنسبة للسفر إلى المستقبل، فهناك بعض النظريات في الفيزياء النظرية تشير إلى إمكانية حدوثه بناءً على ظاهرة الانكماش الزمني وتأثير السرعة العالية والجاذبية. ومع ذلك، تتطلب هذه النظريات مفاهيم فيزيائية معقدة وتكنولوجيا متقدمة.

“لم ينجح أحد في السفر عبر الزمن، إلا أن الإمكانية النظرية قد أسرت العلماء لعقود من الزمن. يتناول بحث “جيرمان توبار” قضية أساسية تُعرف بإسم “تناقض الجد”، حيث يؤدي تغيير الماضي إلى خلق تناقضات في الحاضر. وخلافًا للديناميكيات الكلاسيكية، تقترح حسابات توبار، المستندة إلى نظرية النسبية العامة لأينشتاين، أن الزمكان نفسه يمكن أن يتكيف لمنع التناقضات. وتتناول الدراسة العمليات الحتمية في استمرارية الزمان والمكان، وتشير إلى أن المنحنيات المغلقة الشبيهة بالزمن، التي تنبأ بها أينشتاين، يمكن أن تتعايش مع الفيزياء الكلاسيكية والإرادة الحرة.

يُقدم عمل توبار تجربة فكرية تضمن مسافراً عبر الزمن يسعى لمنع انتشار مرض في الماضي. تشير الحسابات إلى أن المرض، رغم إجراءات المسافر عبر الزمن، سيجد طرقًا بديلة للهروب، متجنبًا المفارقات. ورغم أن التعقيدات الرياضية قد تثير تحديات بالنسبة لغير المتخصصين في الرياضيات، يؤكد الفيزيائي فابيو كوستا، الذي أشرف على البحث، أن “الرياضيات تم التحقق منها – والنتائج تشكل مادة من مجال الخيال العلمي” 1*

 

في كِتاب “قبل أن تبرد القهوة” تدور أحداث الرواية في أحد المقاهي الشعبية في طوكيو، هناك إشاعة متداولة تزعم أنّ من يجلس على كرسي معين في هذا المقهى يمكنه السفر عبر الزمن، سواء للماضي أو للمستقبل، ولكن بأربعة شروط إن تم تحقيقها يمكنك السفر ومقابلة الأشخاص، على الرغم بأن الشروط صعبة ومُرعبة -ما بذكرها عشان ما أحرق على الي ما قرأ الكتاب- الإ أن الكثير يذهب لتحقيق رغبة معينة، مقابلة شخص وإخبارهم بأننا نُحِبهم، تصحيح حدث ما، ورؤية أشخاص لم نعد نستطيع رؤيتهم. 

 

فالسفر عبر الزمن بمرور السنوات لم يعد مجرد خيال علمي او نظريات يتم دراستها، أصبح رغبة واهتمام للأشخاص كثير، فلو أتيحت لنا الفرصة لسفر عبر الزمن فكم شخص منّا سيغامر ويتنقل لحُقب زمنية مختلفة؟ 

من الرائع أن نستطيع السفر عبر الزمن لتحقيق رغباتنا،. والحديث عن ما فات الآوان على التحدث به، والسفر لعشر سنوات للأمام لرؤية أين سنكون ونطمئن؛ ولكن لا تنتظر أن تبدأ بعد فوات الآوان.

بشكل عام، لا يزال السفر إلى الماضي والمستقبل يعتبر مجرد افتراض وموضوع للخيال العلمي والأعمال الفنية. ومصدر إلهام للكتّاب وصنّاع الأفلام، وتوفر أفكارًا مثيرة وقصصًا شيقة، لكنها ليست حقيقة علمية مثبتة حتى الآن.

 

انتهى

كاتِبة المقال: الهنوف عبدالرحمن

عضو في آستروفايل

المراجع: 

– *1 السفر عبر الزمن.

– كتاب Physics for Scientists and Engineers: Serway.

– JOURNAL ARTICLE

– The Paradoxes of Time Travel

– David Lewis

– American Philosophical Quarterly, Vol. 13, No. 2 (Apr., 1976), pp. 145-152

– JOURNAL ARTICLE

– Is Time Travel Possible?

– J. J. C. Smart

– The Journal of Philosophy, Vol. 60, No. 9 (Apr. 25, 1963), pp. 237-241

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى