مقالات

الحطام الفضائي

هل سبق وأن تساءلتم عن المهام الفضائیة أو المرکبات التي انتهی دورها وبقیت آثارها بالمدار ؟

 

یتم تعقب أکثر من 27,000 قطعة من الحطام المداري بواسطة شبکة مراقبة الفضاء العالمیة التابعة لوزارة الدفاع کما یوجد الکثیر من الحطام الذي لا یمکن تعقبه بسبب صغر حجمه ولکنه کبیر بما یکفي لیشکل خطرًا علی الرحلات الفضائیة في مدارات الأرض المنخفضة. نظرًا لأن کلاً من الحطام والمرکبة الفضائیة یتحرکان بسرعات عالیة للغایة؛ فإن اصطدام قطعة صغیرة من الحطام المداري بمرکبة فضائیة یمکن أن یسبب مشاکل جسیمة.

 

  • الحُطام المداري

الحطام المداري هو أي جسم من صنع الإنسان یدور حول الأرض ولم یعد له دور ؛ حیث یشمل هذا الحطام المرکبات الفضائیة الخارجة عن الخدمة ومنصات مرکبات الإطلاق المهجورة، والحطام المرتبط بالمهام الفضائیة.

هناك حوالي 23,000 قطعة من الحطام الذي یزید حجمه عن کرة البیسبول ، حیث تدور حول الأرض بسرعة تصل إلی 17,500 میل في الساعة ، وهي سرعة کافیة لتجعل قطعة صغیرة من الحطام المداري قادرةً علی إتلاف قمر صناعي أو مرکبة فضائیة.

حتی بقع الطلاء الصغیرة یمکن أن تلحق الضرر بالمرکبة الفضائیة عند السفر بهذه السرعات ، وسبق وأن تم استبدال عدد من نوافذ مکوك الفضاء بسبب الأضرار الناجمة عن المواد التي تم تحلیلها وتبین أنها بقع طلاء. في حقیقة الأمر، یعد الحطام المداري الذي یبلغ حجمه میلیمترًا

أکبر سبب خطیر لإنهاء المهمة بالنسبة لمعظم المرکبات الفضائیة الآلیة التي تحلق في مدار أرضي منخفض.

في عام 1996م تضرر قمر صناعي فرنسي بسبب حطام صاروخ فرنسي انفجر قبل عقد من الزمن. وأیضًا في العاشر من فبرایر عام 2009م، اصطدمت مرکبة فضائیة روسیة معطلة بمرکبة فضائیة تجاریة أمریکیة ودمرتها مما أضاف أکثر من 2,300 قطعة من الحطام الکبیر الذي

یمکن تتبعه والعدید من الحطام الأصغر حجمًا إلی مخزون الحطام الفضائیة.

وقد أضاف اختبار الصین المضاد للأقمار الصناعیة لتدمیر قمر صناعي قدیم للطقس في عام 2007م، أکثر من 3,500 قطعة من الحطام الکبیر الذي یمکن تتبعه والعدید من الحطام الأصغر حجماً إلی مشکلة الحطام.

 

تتعاون ناسا ووزارة الدفاع وتتقاسمان المسؤولیات لتوصیف بیئة القمر الصناعي بما في

ذلك الحطام المداري. تقوم شبکة مراقبة الفضاء التابعة لوزارة الدفاع بتتبع الأجسام التي یصل قطرها إلی 5 سم في مدار أرضي منخفض وحوالي متر في مدار متزامن مع الأرض . في الوقت الحالي، لا یزال هناك حوالي 27,000 جسم مفهرس رسمیًا في المدار، ویبلغ حجم معظمها 10 سم أو أکبر .وباستخدام أجهزة استشعار أرضیة خاصة وعملیات فحص أسطح الأقمار الصناعیة التي تم إرجاعها،
تحدد ناسا إحصائیًا مدى تجمع الأجسام التي یقل قطرها عن 10 سم.

تکون تقییمات تزامن الحطام الذي یبلغ حجمه 10 سم وأکبر ومناورات تجنب الاصطدام به فعالة في مواجهة الأجسام التي یمکن تعقبها بواسطة شبکة مراقبة الفضاء. عادةً ما تکون الأجسام الأصغر من ذلك أصغر من أن یتم تتبعها لتقییمات التزامن وتجنب الاصطدام .ویمکن أن تکون دروع الحطام فعالة في تحمل تأثیرات الجسیمات الأصغر من 1 سم بالنسبة للوحدات الموجودة في محطة الفضاء الدولیة.

 

  • التخطیط والتعامل مع الحطام

لدى وکالة ناسا مجموعة من الإرشادات التي یتم استخدامها لتقییم ما إذا کان التهدید المتمثل في هذا المرور القریب للحطام کافیًا لتبریر اتخاذ إجراءات مناورة أو احتیاطات أخرى لضمان سلامة محطة الفضاء الدولیة وطاقمها.

ترسم هذه الإرشادات بشکل أساسي صندوقًا وهمیًا حول المرکبة الفضائیة ویُعرف باسم “صندوق البیتزا” بسبب شکله المستطیل المسطح. یبلغ عمق هذا الصندوق حوالي 4 کیلومترات وعرض وطول مقدار کلاً منهما ٥٠ کیلومتراً. تقع محطة الفضاء الدولیة في مرکز ذلك الصندوق وعندما تشیر التوقعات إلی أن أي جسم یتم تعقبه سوف یمر بالقرب بما یکفي للقلق ، تعمل مراکز التحکم في المهمة في هیوستن وموسکو معًا لتطویر خطة عمل للموقف.

في بعض الأحیان تکون هذه المخاطر معروفة مسبقًا مما یتیح الوقت لتحریك محطة الفضاء الدولیة قلیلاً ، وهو ما یُعرف باسم “مناورة تجنّب الحطام” وذلك لإبقاء الجسم خارج الصندوق. وفي أحیان أخرى لا تکون بیانات التتبع دقیقة بما یکفي لتبریر مثل هذه المناورة أو لا یتم تحدید مرور الحطام في الوقت المناسب لإجراء المناورة. في تلك الحالات، قد تتفق مراکز التحکم علی أن أفضل تصرف هو نقل الطاقم إلی مرکبة الفضاء الروسیة سویوز أو المرکبة الفضائیة التجاریة الأمریکیة المستخدمة لنقل رواد الفضاء من وإلی المحطة. مما یتیح وقتًا کافیًا لعزل المرکبة الفضائیة عن المحطة عن طریق إغلاق البوابات في حالة حدوث تصادم مدمر. کما سیکون الطاقم قادرًا علی مغادرة المحطة إذا تسبب الاصطدام في فقدان الضغط في وحدة دعم الحیاة أو إتلاف المکونات الحیویة. وتعمل المرکبة الفضائیة کقارب نجاة لأفراد الطاقم في حالة الطوارئ. أیضاً ، لدى وحدة التحکم الأرضیة خیار اتخاذ احتیاطات إضافیة کقیام الطاقم بإغلاق البوابات بین بعض وحدات المحطة، إذا کان احتمال الاصطدام کبیرًا بما فیه الکفایة.

 

  • مُناورة المرکبات الفضائیة لتجنُّب الحطام المداري

یتم التخطیط لمناورات تجنب الحطام عندما یصل احتمال الاصطدام من التزامن إلی الحدود المنصوص علیها في قواعد الطیران المستخدمة لتشغیل المحطة الفضائیة والمرکبة الفضائیة المستخدمة لنقل رواد الفضاء والبضائع من وإلی المحطة.

بالنسبة للمحطة الفضائیة، إذا کان احتمال الاصطدام أکبر من 1 علی 100,000 فسیتم إجراء مناورة إذا لم ینتج عنها تأثیر کبیر علی أهداف المهمة. وإذا کان أکبر من 1 علی 100,000 فسیتم إجراء المناورة ما لم یؤد ذلك إلی أخطار إضافیة علی الطاقم.

عادةً ما تکون مناورات تجنب الحطام صغیرة ، وتتم من ساعة إلی عدة ساعات قبل وقت التزامن. وتتطلب مثل هذه المناورات مع المحطة الفضائیة حوالي 5 ساعات للتخطیط والتنفیذ باستخدام أجهزة الدفع الروسیة الخاصة بالمحطة أو أنظمة الدفع الموجودة علی إحدى المرکبات الفضائیة المرتبطة بالمحطة. أجرت محطة الفضاء الدولیة 29مناورة لتجنب الحطام منذ عام 1999م، بما في ذلك ثلاث في عام 2020.

نفذت ناسا عملیة تقییم التزامن وتجنب الاصطدام لرحلات الفضاء البشریة بدءًا من مهمة المکوك 26-STS في عام 1988م. وقبل إطلاق العنصر الأول من محطة الفضاء الدولیة في عام 1998م، قامت ناسا ووزارة الدفاع بشکل مشترك بتطویر وتنفیذ عملیة تقییم تزامن أکثر تعقیدًا ودقةً لمهمات رحلات الفضاء البشریة.

في عام 2005، نفذت وکالة ناسا عملیة مماثلة لآلیات مختارة مثل الأقمار الصناعیة لنظام مراقبة الأرض في مدار أرضي منخفض، ونظام الأقمار الصناعیة لتتبع وترحیل البیانات في مدار متزامن مع الأرض. وفي عام 2007، قامت وکالة ناسا بتوسیع عملیة تقییم التزامن لتشمل جمیع أقمار ناسا القادرة علی المناورة داخل مدار أرضي منخفض وعلی مدى 200کیلومتر من المدار المتزامن مع الأرض.

یتولی أسطول التحکم في الفضاء الثامن عشر التابع لقوة الفضاء الأمریکیة (SPCS18) مسؤولیة إجراء تقییمات التزامن لجمیع المرکبات الفضائیة المخصصة لناسا وفقًا لجدول زمني محدد (کل ثماني ساعات لمرکبات رحلات الفضاء المأهولة بالبشر ویومیًا من الاثنین إلی الجمعة للمرکبات الآلیة). یقوم 18 SPCS بإخطار مرکز جونسون ومرکز جودارد بالتزامنات التي تستوفي المعاییر المحددة.

تکلف القوة الفضائیة شبکة المراقبة الفضائیة بجمع بیانات تتبع إضافیة حول العنصر المهدد بالاصطدام لتحسین دقة تقییم التزامن. تحسب وکالة ناسا احتمالیة الاصطدام بناءً علی المسافة المفقودة وعدم الیقین الذي توفره القوة الفضائیة.

استنادًا إلی قواعد الطیران المحددة والتحلیل التفصیلي للمخاطر، تقرر ناسا ما إذا کانت مناورة تجنب الاصطدام ضروریة أم لا. وإذا کانت هناك حاجة إلی مناورة، توفر ناسا البیانات المداریة المخططة بعد المناورة إلی القوة الفضائیة لفحص عملیات التزامن علی المدى القریب. کما یمکن تکرار هذه العملیة إذا کان المدار الجدید المخطط له یعرض مرکبة ناسا لخطر الاصطدام المستقبلي بنفس الجسم أو بآخر.

 

انتهى

كاتب المقال: فاضل يونس

(عضو آستروفايل)

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى